وقوله: وذكرا للمتقين يقول: وتذكيرا لمن اتقى الله بطاعته وأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ذكرهم بما آتي موسى وهارون من التوراة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون) *.
يقول تعالى ذكره: آتينا موسى وهارون الفرقان الذكر الذي آتيناهما للمتقين الذين يخافون ربهم بالغيب، يعني في الدنيا أن يعاقبهم في الآخرة إذا قدموا عليه بتضييعهم ما ألزمهم من فرائضه فهم من خشيته يحافظون على حدوده وفرائضه، وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة مشفقون، حذرون أن تقوم عليهم، فيردوا على ربهم قد فرطوا في الواجب عليهم لله، فيعاقبهم من العقوبة بما لا قبل لهم به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون) *.
يقول جل ثناؤه: وهذا القرآن الذي أنزلناه إلى محمد (ص) ذكر لمن تذكر به، وموعظة لمن اتعظ به. مبارك أنزلناه كما أنزلنا التوراة إلى موسى وهارون ذكرا للمتقين. أفأنتم له منكرون يقول تعالى ذكره: أفأنتم أيها القوم لهذا الكتاب الذي أنزلناه إلى محمد منكرون وتقولون هو أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون وإنما الذي آتيناه من ذلك ذكر للمتقين، كالذي آتينا موسى وهارون ذكرا للمتقين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وهذا ذكر مبارك... إلى قوله: أفأنتم له منكرون: أي هذا القرآن. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ئ إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل موسى وهارون، ووفقناه