مسلمون يقول: فهل أنتم مذعنون له أيها المشركون العابدون الأوثان والأصنام بالخضوع لذلك، ومتبرؤون من عبادة ما دونه من آلهتكم؟ القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) *.
يقول تعالى ذكره: فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عن الاقرار بالايمان، بأن لا إله لهم إلا إله واحد، فأعرضوا عنه وأبوا الإجابة إليه، فقل لهم: قد آذنتكم على سواء يقول: أعلمهم أنك وهم على علم من أن بعضكم لبعض حرب، لأصلح بينكم ولا سلم.
وإنما عني بذلك قوم رسول الله (ص) من قريش، كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء فإن تولوا، يعني قريشا.
وقوله: وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون يقول تعالى ذكره لنبيه: قل وما أدري متى الوقت الذي يحل بكم عقاب الله الذي وعدكم، فينتقم به منكم، أقريب نزوله بكم أم بعيد؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون قال: الاجل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ئ وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل لهؤلاء المشركين، إن الله يعلم الجهر الذي يجهرون به من القول، ويعلم ما تخفونه فلا تجهرون به، سواء عنده خفيه وظاهره وسره وعلانيته، إنه لا يخفى عليه منه شئ فإن أخر عنكم عقابه على ما تخفون من الشرك به أو تجهرون به، فما أدري ما السبب الذي من أجله يؤخر ذلك عنكم؟
لعل تأخيره ذلك عنكم مع وعده إياكم لفتنة يريدها بكم، ولتتمتعوا بحياتكم إلى أجل قد جعله لكم تبلغونه، ثم ينزل بكم حينئذ نقمته.