يقول تعالى ذكره: لا تأتي هذه النار التي تلفح وجوه هؤلاء الكفار الذين وصف أمرهم في هذه السورة حين تأتيهم عن علم منهم بوقتها، ولكنها تأتيهم مفاجأة لا يشعرون بمجيئها فتبهتهم يقول: فتغشاهم فجأة، وتلفح وجوههم معاينة كالرجل يبهت الرجل في وجهه بالشئ، حتى يبقى المبهوت كالحيران منه. فلا يستطيعون ردها يقول: فلا يطيقون حين تبغتهم فتبهتهم دفعها عن أنفسهم. ولا هم ينظرون يقول: ولا هم وإن لم يطيقوا دفعها عن أنفسهم يؤخرون بالعذاب بها لتوبة يحدثونها وإنابة ينيبون، لأنها ليست حين عمل وساعة توبة وإنابة، بل هي ساعة مجازاة وإثابة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): إن يتخذك يا محمد هؤلاء القائلون لك: هل هذا إلا بشر مثلكم، أفتأتون السحر وأنتم تبصرون، إذ رأوك هزوا ويقولون: هذا الذي يذكر آلهتكم كفرا منهم بالله، واجتراء عليه. فلقد استهزئ برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلى أممهم، يقول: فوجب ونزل بالذين استهزءوا بهم، وسخروا منهم من أممهم ما كانوا به يستهزءون يقول جل ثناؤه: حل بهم الذي كانوا به يستهزءون من البلاء والعذاب الذي كانت رسلهم تخوفهم نزوله بهم، يستهزءون: يقول جل ثناؤه، فلن يعدو هؤلاء المستهزؤون بك من هؤلاء الكفرة أن يكونوا كأسلافهم من الأمم المكذبة رسلها، فينزل بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المستعجليك بالعذاب، القائلين: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين: من يكلؤكم أيها القوم، يقول: من يحفظكم ويحرسكم بالليل إذا نمتم، وبالنهار إذا تصرفتم من الرحمن؟ يقول: من أمر الرحمن إن نزل بكم، ومن عذابه إن حل بكم. وترك ذكر الامر وقيل من الرحمن اجتزاء بمعرفة السامعين لمعناه من ذكره.