واختلف أهل العربية في ما التي في قوله: ما يغيظ فقال بعض نحويي البصرة هي بمعنى الذي، وقال: معنى الكلام: هل يذهبن كيده الذي يغيظه. قال: وحذفت الهاء لأنها صلة الذي، لأنه إذا صارا جميعا اسما واحدا كان الحذف أخف. وقال غيره: بل هو مصدر لا حاجة به إلى الهاء، هل يذهبن كيده غيظه.
وقوله: وكذلك أنزلناه آيات بينات يقول تعالى ذكره: وكما بينت لكم حججي على من جحد قدرتي على إحياء من مات من الخلق بعد فنائه فأوضحتها أيها الناس، كذلك أنزلنا إلى نبينا محمد (ص) هذا القرآن آيات بينات، يعني دلالات واضحات، يهدين من أراد الله هدايته إلى الحق. وأن الله يهدي من يريد يقول جل ثناؤه: ولان الله يوفق للصواب ولسبيل الحق من أراد، أنزل هذا القرآن آيات بينات وأن في موضع نصب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد) *.
يقول تعالى ذكره: إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام، والذين هادوا، وهم اليهود والصابئين والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله فذلك هو الفصل من الله بينهم.
وكان قتادة يقول في ذلك، ما:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فقوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا قال: الصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة، ويقرأون الزبور.
والمجوس: يعبدون الشمس والقمر والنيران. والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن.
وأدخلت إن في خبر إن الأولى لما ذكرت من المعنى، وأن الكلام بمعنى الجزاء، كأنه قيل: من كان على دين من هذه الأديان ففصل ما بينه وبين من خالفه على