* (بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون) *.
يقول تعالى ذكره: ما لهؤلاء المشركين من آلهة تمنعهم من دوننا، ولا جار يجيرهم من عذابنا، إذا نحن أردنا عذابهم، فاتكلوا على ذلك، وعصوا رسلنا اتكالا منهم على ذلك ولكنا متعناهم بهذه الحياة الدنيا وآباءهم من قبلهم حتى طال عليهم العمر، وهم على كفرهم مقيمون، لا تأتيهم منا واعظة من عذاب ولا زاجرة من عقاب على كفرهم وخلافهم أمرنا وعبادتهم الأوثان والأصنام، فنسوا عهدنا وجهلوا موقع نعمتنا عليهم، ولم يعرفوا موضع الشكر. وقوله: أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها يقول تعالى ذكره:
أفلا يرى هؤلاء المشركون بالله السائلو محمد (ص) الآيات المستعجلو بالعذاب، أنا نأتي الأرض نخربها من نواحيها بقهرنا أهلها، وغلبتناهم، وإجلائهم عنها، وقتلهم بالسيوف، فيعتبروا بذلك ويتعظوا به، ويحذروا منا أن ننزل من بأسنا بهم نحو الذي قد أنزلنا بمن فعلنا ذلك به من أهل الأطراف؟ وقد تقدم ذكر القائلين بقولنا هذا ومخالفيه بالروايات عنهم في سورة الرعد بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: أفهم الغالبون يقول تبارك وتعالى: أفهؤلاء المشركون المستعجلو محمد بالعذاب الغالبونا، وقد رأوا قهرنا من أحللنا بساحته بأسنا في أطراف الأرضين؟ ليس ذلك كذلك، بل نحن الغالبون. وإنما هذا تقريع من الله تعالى لهؤلاء المشركين به بجهلهم، يقول: أفيظنون أنهم يغلبون محمدا ويقهرونه، وقد قهر من ناوأه من أهل أطراف الأرض غيرهم؟ كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أفهم الغالبون يقول: ليسوا بغالبين، ولكن رسول الله (ص) هو الغالب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه مح مد (ص): قل يا محمد لهؤلاء القائلين فليأتنا بآية كما أرسل الأولون: إنما أنذركم أيها القوم بتنزيل الله الذي يوحيه إلى من عنده، وأخوفكم به بأسه.
كما: