ثناؤه وحق على عباده المؤمنين به تعظيم جميع ذلك. وقال: إنها من تقوى القلوب وأنث ولم يقل: فإنه، لأنه أريد بذلك. فإن تلك التعظيمة مع اجتناب الرجس من الأوثان من تقوى القلوب، كما قال جل ثناؤه: إن ربك من بعدها لغفور رحيم. وعني بقوله: فإنها من تقوى القلوب فإنها من وجل القلوب من خشية الله، وحقيقة معرفتها بعظمته وإخلاص توحيده. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق) *.
اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكر الله في هذه الآية وأخبر عباده أنها إلى أجل مسمى، على نحو اختلافهم في معنى الشعائر التي ذكرها جل ثناؤه في قوله: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب فقال الذين قالوا عني بالشعائر البدن. معنى ذلك:
لكم أيها الناس في البدن منافع. ثم اختلف أيضا الذين قالوا هذه المقالة في الحال التي لهم فيها منافع، وفي الاجل الذي قال عز ذكره: إلى أجل مسمى فقال بعضهم: الحال التي أخبر الله جل ثناؤه أن لهم فيها منافع، هي الحال التي لم يوجبها صاحبها ولم يسمها بدنة ولم يقلدها. قالوا: ومنافعها في هذه الحال: شرب ألبانها، وركوب ظهورها، وما يرزقهم الله من نتاجها وأولادها. قالوا: والأجل المسمى الذي أخبر جل ثناؤه أن ذلك لعباده المؤمنين منها إليه، هو إلى إيجابهم إياها، فإذا أوجبوها بطل ذلك ولم يكن لهم من ذلك شئ. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال: ما لم يسم بدنا.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال:
الركوب واللبن والولد، فإذا سميت بدنة أو هديا ذهب كله.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن