الجبابرة. فوجه هؤلاء تأويل ذلك إلى ثم منحر البدن والهدايا التي أوجبتموها إلى أرض الحرم. وقالوا: عني بالبيت العتيق أرض الحرم كلها. وقالوا: وذلك نظير قوله: فلا يقربوا المسجد الحرام والمراد: الحرم كله.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محلكم أيها الناس من مناسك حجكم إلى البيت العتيق أن تطوفوا به يوم النحر بعد قضائكم ما أوجبه الله عليكم في حجكم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا داود بن أبي هند، عن محمد بن أبي موسى: ثم محلها إلى البيت العتيق قال: محل هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محل منافع أيام الحج إلى البيت العتيق بانقضائها. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ثم محلها إلى البيت العتيق حين تنقضي تلك الأيام، أيام الحج إلى البيت العتيق.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ثم محل الشعائر التي لكم فيها منافع إلى أجل مسمى إلى البيت العتيق، فما كان من ذلك هديا أو بدنا فبموافاته الحرم في الحرم، وما كان من نسك فالطواف بالبيت.
وقد بينا الصواب في ذلك من القول عندنا في معنى الشعائر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين) *.
يقول تعالى ذكره: ولكل أمة ولكل جماعة سلف فيكم من أهل الايمان بالله أيها الناس، جعلنا ذبحا يهريقون دمه ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام