* (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) *.
يعني جل ذكره بقوله: ومن الناس من يعبد الله على حرف أعرابا كانوا يقدمون على رسول الله (ص)، مهاجرين من باديتهم، فإن نالوا رخاء من عيش بعد الهجرة والدخول في الاسلام أقاموا على الاسلام، وإلا ارتدوا على أعقابهم فقال الله: ومن الناس من يعبد الله على شك، فإن أصابه خير اطمأن به وهو السعة من العيش وما يشبهه من أسباب الدنيا اطمأن به يقول: استقر بالاسلام وثبت عليه. وإن أصابته فتنة وهو الضيق بالعيش وما يشبهه من أسباب الدنيا انقلب على وجهه يقول: ارتد فانقلب على وجهه الذي كان عليه من الكفر بالله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ومن الناس من يعبد الله على حرف... إلى قوله:
انقلب على وجهه قال: الفتنة البلاء، كان أحدهم إذا قدم المدينة وهي أرض وبيئة، فإن صح بها جسمه ونتجت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن إليه وقال:
ما أصبت منذ كنت علي ديني هذا إلا خيرا وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان فقال: والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا وذلك الفتنة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن أبي بكر، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قول الله:
ومن الناس من يعبد الله على حرف قال: على شك.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
على حرف قال: على شك. فإن أصابه خير رخاء وعافية اطمأن به: استقر.
وإن أصابته فتنة عذاب ومصيبة انقلب ارتد على وجهه كافرا.