شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال وغير ذلك من حكمه فيهم لأنهم خلقه وعبيده، وجميعهم في ملكه وسلطانه، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، لا شئ فوقه يسأله عما يفعل فيقول له لم فعلت؟ ولم لم تفعل؟ وهم يسئلون يقول جل ثناؤه: وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسؤولون عن أفعالهم، ومحاسبون على أعمالهم، وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه لأنه فوقهم ومالكهم، وهم في سلطانه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون يقول: لا يسئل عما يفعل بعباده، وهم يسئلون عن أعمالهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ، قال: قوله: لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون قال: لا يسئل الخالق عن قضائه في خلقه، وهو يسأل الخلق عن عملهم.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون قال: لا يسئل الخالق عما يقضي في خلقه، والخلق مسؤولون عن أعمالهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) *.
يقول تعالى ذكره: أتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهة تنفع وتضر وتخلق وتحيي وتميت؟ قل يا محمد لهم: هاتوا برهانكم يعني حجتكم يقول: هاتوا إن كنتم تزعمون أنكم محقون في قيلكم ذلك حجة ودليلا على صدقكم. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: قل هاتوا برهانكم يقول: هاتوا بينتكم على ما تقولون.
وقوله: هذا ذكر من معي يقول: هذا الذي جئتكم به من عند الله من القرآن والتنزيل، ذكر من معي يقول: خبر من معي مما لهم من ثواب الله على إيمانهم به وطاعتهم إياه وما عليهم من عقاب الله على معصيتهم إياه وكفرهم به. وذكر من قبلي