والمحيي من أردت والمميت ما أردت ومن أردت. إن فاعل ذلك لا شك أنه في غاية الجهل.
وقوله: ما قدروا الله حق قدره يقول: ما عظم هؤلاء الذين جعلوا الآلهة لله شريكا في العبادة حق عظمته حين أشركوا به غيره، فلم يخلصوا له العبادة ولا عرفوه حق معرفته من قولهم: ما عرفت لفلان قدره إذا خاطبوا بذلك من قصر بحقه وهم يريدون تعظيمه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
وإن يسلبهم الذباب شيئا... إلى آخر الآية، قال: هذا مثل ضربه الله لآلهتهم. وقرأ:
ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب ولا يمتنع منه.
وقوله: إن الله لقوي يقول: إن الله لقوي على خلق ما يشاء من صغير ما يشاء من خلقه وكبيره. عزيز يقول: منيع في ملكه لا يقدر شئ دونه أن يسلبه من ملكه شيئا، وليس كآلهتكم أيها المشركون الذين تدعون من دونه الذين لا يقدرون على خلق ذباب ولا على الامتناع من الذباب إذا استلبها شيئا ضعفا ومهانة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير) *.
يقول تعالى ذكره: الله يختار من الملائكة رسلا كجبريل وميكائيل اللذين كانا يرسلهما إلى أنبيائه ومن شاء من عباده ومن الناس، كأنبيائه الذين أرسلهم إلى عباده من بني آدم. ومعنى الكلام: الله يصطفي من الملائكة رسلا، ومن الناس أيضا رسلا. وقد قيل:
إنما أنزلت هذه الآية لما قال المشركون: أنزل عليه الذكر من بيننا، فقال الله لهم: ذلك إلي وبيدي دون خلقي، أختار من شئت منهم للرسالة.
وقوله: إن الله سميع بصير يقول: إن الله سميع لما يقول المشركون في محمد (ص)، وما جاء به من عند ربه، بصير بمن يختاره لرسالته من خلقه. القول في تأويل قوله تعالى: