فعل آخر، كأنه قال: وتركت صلوات. وقال بعضهم: إنما يعني: مواضع الصلوات. وقال بعضهم: إنما هي صلوات، وهي كنائس اليهود، تدعى بالعبرانية: صلوتا.
وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: لهدمت صوامع الرهبان وبيع النصارى، وصلوات اليهود، وهي كنائسهم، ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا.
وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل ذلك لان ذلك هو المعروف في كلام العرب المستفيض فيهم، وما خالفه من القول وإن كان له وجه فغير مستعمل فيما وجهه إليه من وجهه إليه.
وقوله: ولينصرن الله من ينصره يقول تعالى ذكره: وليعينن الله من يقاتل في سبيله، لتكون كلمته العليا على عدوه فنصر الله عبده: معونته إياه، ونصر العبد ربه:
جهاده في سبيله، لتكون كلمته العليا.
وقوله: إن الله لقوي عزيز يقول تعالى ذكره: إن الله لقوي على نصر من جاهد في سبيله من أهل ولايته وطاعته، عزيز في ملكه، يقول: منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) *.
يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة. والذين ها هنا رد على الذين يقاتلون. ويعني بقوله: إن مكناهم في الأرض إن وطنا لهم في البلاد، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها، وهم أصحاب رسول الله (ص). يقول: إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة، أطاعوا الله، فأقاموا الصلاة بحدودها وآتوا الزكاة يقول: وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له. وأمروا بالمعروف يقول: ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الايمان بالله.
ونهوا عن المنكر يقول: ونهوا عن الشرك بالله والعمل بمعاصيه، الذي ينكره أهل الحق والايمان بالله. ولله عاقبة الأمور يقول: ولله آخر أمور الخلق، يعني: أن إليه مصيرها في الثواب عليها والعقاب في الدار الآخرة.