وقوله: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات يقول الله: إن الذين سميناهم يعني زكريا وزوجه ويحيى كانوا يسارعون في الخيرات في طاعتنا، والعمل بما يقربهم إلينا.) وقوله: ويدعوننا رغبا ورهبا يقول تعالى ذكره: وكانوا يعبدوننا رغبا ورهبا. وعنى بالدعاء في هذا الموضع: العبادة، كما قال: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ويعني بقوله: رغبا أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه من رحمته وفضله. ورهبا يعني رهبة منهم من عذابه وعقابه، بتركهم عبادته وركوبهم معصيته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا قال: رغبا في رحمة الله، ورهبا من عذاب الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ويدعوننا رغبا ورهبا قال: خوفا وطمعا. قال: وليس ينبغي لأحدهما أن يفارق الآخر.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار: رغبا ورهبا بفتح الغين والهاء من الرغب والرهب. واختلف عن الأعمش في ذلك، فرويت عنه الموافقة في ذلك للقراء، وروي عنه أنه قرأها: رغبا ورهبا بضم الراء في الحرفين وتسكين الغين والهاء.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار، وذلك الفتح في الحرفين كليهما.
وقوله: وكانوا لنا خاشعين يقول: وكانوا لنا متواضعين متذللين، ولا يستكبرون عن عبادتنا ودعائنا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): واذكر التي أحصنت فرجها، يعني مريم بنت