حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ هذه الآية: وحرم على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فلا يرجع منهم راجع، ولا يتوب منهم تائب.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود عن عكرمة، قال: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون قال: لم يكن ليرجع منهم راجع، حرام عليهم ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عيسى بن فرقد، قال: ثنا جابر الجعفي، قال:
سألت أبا جعفر عن الرجعة، فقرأ هذه الآية: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون.
فكأن أبا جعفر وجه تأويل ذلك إلى أنه: وحرام على أهل قرية أمتناهم أن يرجعوا إلى الدنيا. والقول الذي قاله عكرمة في ذلك أولى عند بالصواب وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن تفريق الناس دينهم الذي بعث به إليهم الرسل، ثم أخبر عن صنيعه بمن عمل بما دعته إليه رسله من الايمان به والعمل بطاعته، ثم أتبع ذلك قوله: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فلان يكون ذلك خبرا عن صنيعه بمن أبى إجابة رسله وعمل بمعصيته وكفر به، أحرى، ليكون بيانا عن حال القرية الأخرى التي لم تعمل الصالحات وكفرت به.
فإذا كان لك كذلك، فتأويل الكلام: حرام على أهل قرية أهلكناهم بطبعنا على قلوبهم وختمنا على أسماعهم وأبصارهم، إذ صدوا عن سبيلنا وكفروا بآياتنا، أن يتوبوا ويراجعوا الايمان بنا واتباع أمرنا والعمل بطاعتنا. وإذ كان ذلك تأويل قوله الله: وحرم وعزم، على ما قال سعيد، لم تكن لا في قوله: أنهم لا يرجعون صلة، بل تكون بمعنى النفي، ويكون معنى الكلام: وعزم منا على قرية أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم.
وكذلك إذا كان معنى قوله: وحرم نوجبه. وقد زعم بعضهم أنها في هذا الموضع صلة، فإن معنى الكلام: وحرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا، وأهل التأويل الذين ذكرناهم كانوا أعلم بمعنى ذلك منه القول في تأويل قوله تعالى:
* (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون) *.