فتأويل الكلام إذا كان الصواب في تأويل ذلك ما قلنا بما به استشهدنا خلق الانسان من عجل، ولذلك يستعجل ربه بالعذاب. سأريكم آياتي فلا تستعجلون أيها المستعجلون ربهم بالآيات القائلون لنبينا محمد (ص): بل هو شاعر، فليأتنا بآية كما أرسل الأولون آياتي، كما أريتها من قبلكم من الأمم التي أهلكناها بتكذيبها الرسل، إذا أتتها الآيات: فلا تستعجلون يقول: فلا تستعجلوا ربكم، فإنا سنأتيكم بها ونريكموها.
واختلفت القراء في قراءة قوله: خلق الانسان من عجل فقرأته عامة قراء الأمصار: خلق الانسان من عجل بضم الخاء على مذهب ما لم يسم فاعله. وقرأه حميد الأعرج: خلق بفتحها، بمعنى: خلق الله الانسان. والقراءة التي عليها قراء الأمصار، هي القراءة التي لا أستجيز خلافها.
وقوله: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المستعجلون ربهم بالآيات والعذاب لمحمد (ص): متى هذا الوعد؟ يقول: متى يجيئنا هذا الذي تعدنا من العذاب إن كنتم صادقين فيما تعدوننا به من ذلك؟ وقيل: هذا الوعد والمعنى الموعود لمعرفة السامعين معناه. وقيل: إن كنتم صادقين كأنهم قالوا ذلك لرسول الله (ص) وللمؤمنين به. ومتى في موضع نصب، لان معناه: أي وقت هذا الوعد وأي يوم هو فهو نصب على الظرف لأنه وقت. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون) *.
يقول تعالى ذكره: لو يعلم هؤلاء الكفار المستعجلون عذاب ربهم ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار، وهم فيها كالحون، فلا يكفون عن وجوههم النار التي تلفحها، ولا عن ظهورهم فيدفعونها عنها بأنفسهم ولا هم ينصرون يقول: ولا لهم ناصر ينصرهم، فيستنقذهم حينئذ من عذاب الله لما أقاموا على ما هم عليه مقيمون من الكفر بالله، ولسارعوا إلى التوبة منه والايمان بالله، ولما استعجلوا لأنفسهم البلاء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون) *.