فكيف كان نكير يقول: فانظر يا محمد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة وتنكري لهم عما كنت عليه من الاحسان إليهم، ألم أبدلهم بالكثرة قلة وبالحياة موتا وهلاكا وبالعمارة خرابا؟ يقول: فكذلك فعلي بمكذبيك من قريش، وإن أمليت لهم إلى آجالهم، فإني منجزك وعدي فيهم كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم، فأهلكناهم وأنجيتهم من بين أظهرهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد) *.
يقول تعالى ذكره: وكم يا محمد من قرية أهلكت أهلها وهم ظالمون يقول: وهم يعبدون غير من ينبغي أن يعبد، ويعصون من لا ينبغي لهم أن يعصوه. وقوله: فهي خاوية على عروشها يقول: فباد أهلها وخلت، وخوت من سكانها، فخربت وتداعت، وتساقطت على عروشها يعني على بنائها وسقوفها. كما:
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك:
فهي خاوية على عروشها قال: خواؤها: خرابها، وعروشها: سقوفها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة:
خاوية قال: خربة ليس فيها أحد.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة. مثله.
وقوله: وبئر معطلة يقول تعالى: فكأين من قرية أهلكناها، ومن بئر عطلناها، بإفناء أهلها وهلاك وارديها، فاندفنت وتعطلت، فلا واردة لها ولا شاربة منها. ومن قصر مشيد رفيع بالصخور والجص، قد خلا من سكانه، بما أذقنا أهله من عذابنا بسوء فعالهم، فبادوا وبقي قصورهم المشيدة خالية منهم. والبئر والقصر مخفوضان بالعطف على القرية. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هما معطوفان على العروش بالعطف عليها خفضا، وإن لم يحسن فيهما، على أن العروش أعالي البيوت والبئر في الأرض، وكذلك القصر لان القرية لم تخو على القصر، ولكنه أتبع بعضه بعضا كما قال: وحور عين كأمثال اللؤلؤ فمعنى الكلام على ما قال هذا الذي ذكرنا قوله في ذلك: فكأين من قرية