ومأجوج. فأما الأمتان اللتان بينهما طول الأرض: فأمة عند مغرب الشمس، يقال لها:
ناسك. وأما الأخرى: فعند مطلعها يقال لها: منسك. وأما اللتان بينهما عرض الأرض، فأمة في قطر الأرض الأيمن، فقال لها: هاويل. وأما، الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر، فأمة يقال لها: تأويل فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين: إلهي إنك قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت، فأخبرني عن هذه الأمم التي بعثتني إليها، بأي قوة أكابرهم، وبأي جمع أكاثرهم، وبأي حيلة أكايدهم، وبأي صبر أقاسيهم، وبأي لسان أناطقهم، وكيف لي بأن أفقه لغاتهم، وبأي سمع أعي قولهم، وبأي بصر أنفذهم، وبأي حجة أخاصمهم، وبأي قلب أعقل عنهم، وبأي حكمة أدبر أمرهم، وبأي قسط أعدل بينهم، وبأي حلم أصابرهم، وبأي معرفة أفصل بينهم، وبأي علم أتقن أمورهم، وبأي يد أسطو عليهم، وبأي رجل أطؤهم، وبأي طاقة أخصمهم، وبأي جند أقاتلهم، وبأي رفق أستألفهم، فإنه ليس عندي يا إلهي شئ مما ذكرت يقول لهم، ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم، وأنت الرب الرحيم، الذي لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا تحملها إلا طاقتها، ولا يعنتها ولا يفدحها، بل أنت ترأفها وترحمها. قال الله عز وجل: إني سأطوقك ما حملتك، أشرح لك صدرك، فيسع كل شئ وأشرح لك فهمك فتفقه كل شئ، وأبسط لك لسانك، فتنطق بكل شئ، وأفتح لك سمعك فتعي كل شئ، وأمد لك بصرك، فتنفذ كل شئ، وأدبر لك أمرك فتتقن كل شئ، وأحصي لك فلا يفوتك شئ، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شئ، وأشد لك ظهرك، فلا يهدك شئ، وأشد لك ركنك فلا يغلبك شئ، وأشد لك قلبك فلا يروعك شئ، وأسخر لك النور والظلمة، فأجعلهما جندا من جنودك، يهديك النور أمامك، وتحوطك الظلمة من ورائك، وأشد لك عقلك فلا يهولك شئ، وأبسط لك من بين يديك، فتسطو فوق كل شئ، وأشد لك وطأتك، فتهد كل شئ، وألبسك الهيبة فلا يرومك شئ.
ولما قيل له ذلك، انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس، فلما بلغهم، وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله، وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله، وألسنة مختلفة وأهواء متشتتة، وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كاثرهم بالظلمة، فضرب حولهم ثلاثة عساكر منها، فأحاطتهم من كل مكان، وحاشتهم حتى جمعتهم في مكان واحد، ثم أخذ عليه بالنور، فدعاهم إلى الله وإلى عبادته، فمنهم من آمن له، ومنهم من صد، فعمد إلى الذين تولوا