بلغ بين السدين بضم السين وكذلك جميع ما في القرآن من ذلك بضم السين. وكان بعض قراء المكيين يقرؤه بفتح ذلك كله. وكان أبو عمرو بن العلاء يفتح السين في هذه السورة، ويضم السين في يس، ويقول: السد بالفتح: هو الحاجز بينك وبين الشئ والسد بالضم:
ما كان من غشاوة في العين. وأما الكوفيون فإن قراءة عامتهم في جميع القرآن بفتح السين غير قوله: حتى إذا بلغ بين السدين فإنهم ضموا السين في ذلك خاصة. وروي عن عكرمة في ذلك ما:
17578 - حدثنا به أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن أيوب، عن عكرمة قال: ما كان من صنعة بني آدم فهو السد، يعني بالفتح، وما كان من صنع الله فهو السد. وكان الكسائي يقول: هما لغتان بمعنى واحد.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولغتان متفقتا المعنى غير مختلفة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، ولا معنى للفرق الذي ذكر عن أبي عمرو بن العلاء، وعكرمة بين السد والسد، لأنا لم نجد لذلك شاهدا يبين عن فرقان ما بين ذلك على ما حكي عنهما. ومما يبين ذلك أن جمع أهل التأويل الذي روي لنا عنهم في ذلك قول، لم يحك لنا عن أحد منهم تفصيل بين فتح ذلك وضمه، ولو كان مختلفي المعنى لنقل الفصل مع التأويل إن شاء الله، ولكن معنى ذلك كان عندهم غير مفترق، فيفسر الحرف بغير تفصيل منهم بين ذلك. وأما ما ذكر عن عكرمة في ذلك، فإن الذي نقل ذلك عن أيوب وهارون، وفي نقله نظر، ولا نعرف ذلك عن أيوب من رواية ثقات أصحابه. والسد والسد جميعا: الحاجز بين الشيئين، وهما ههنا فيما ذكر جبلان سد ما بينهما، فردم ذو القرنين حاجزا بين يأجوج ومأجوج ومن وراءهم، ليقطع ماد غوائلهم وعيثهم عنهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17579 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس حتى إذا بلغ بين السدين قال: الجبلين الردم الذي بين يأجوج ومأجوج، أمتين من وراء ردم ذي القرنين، قال: الجبلان: أرمينية وأذربيجان.
17580 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة حتى إذا بلغ بين السدين وهما جبلان.
17581 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: بين السدين يعني بين جبلين.