حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: بين السدين قال: هما جبلان.
وقوله وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا يقول عز ذكره: وجد من دون السدين قوما لا يكادون يفقهون قول القائل سوى كلامهم.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله يفقهون فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة يفقهون قولا بفتح القاف والياء، من فقه الرجل يفقه فقها. وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة يفقهون قولا بضم الياء وكسر القاف: من أفقهت فلانا كذا أفقهه إفقاها: إذا فهمته ذلك.
والصواب عندي من القول في ذلك، أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، غير دافعة إحداهما الأخرى وذلك أن القوم الذين أخبر الله عنهم هذا الخبر جائز أن يكونوا لا يكادون يفقهون قولا لغيرهم عنهم، فيكون صوابا القراءة بذلك. وجائز أن يكونوا مع كونهم كذلك كانوا لا يكادون أن يفقهوا غيرهم لعلل: إما بألسنتهم، وإما بمنطقهم، فتكون القراءة بذلك أيضا صوابا.
وقوله: إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض اختلفت القراء في قراءة قوله إن يأجوج ومأجوج فقرأت القراء من أهل الحجاز والعراق وغيرهم: إن يأجوج ومأجوج بغير همز على فاعول من يججت ومججت، وجعلوا الألفين فيهما زائدتين، غير عاصم بن أبي النجود والأعرج، فإنه ذكر أنهما قرآ ذلك بالهمز فيهما جميعا، وجعلا الهمز فيهما من أصل الكلام، وكأنهما جعلا يأجوج: يفعول من أججت، ومأجوج: مفعول.
والقراءة التي هي القراءة الصحيحة عندنا، أن يأجوج ومأجوج بألف بغير همز لاجماع الحجة من القراء عليه، وأنه الكلام المعروف على ألسن العرب ومنه قول رؤبة بن العجاج.
لو أن يأجوج ومأجوج معا * وعاد عادوا واستجاشوا تبعا وهم أمتان من وراء السد.
وقوله: مفسدون في الأرض اختلف أهل التأويل في معنى الافساد الذي وصف الله به هاتين الأمتين، فقال بعضهم: كانوا يأكلون الناس. ذكر من قال ذلك: