مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، بقي أهل السماء، قال: ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة. فبينا هم على ذلك، بعث الله عليهم دودا في أعناقهم كالنغف، فتخرج في أعناقهم فيصبحون موتى، لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل العدو، قال:
فيتجرد رجل منهم لذلك محتسبا لنفسه، قد وطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى، بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين، ألا أبشروا، فإن الله قد كفاكم عدوكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لها رعي إلا لحومهم، فتشكر عنهم أحسن ما شكرت عن شئ من النبات أصابت قط.
17588 - حدثني بحر بن نصر، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني معاوية، عن أبي الزاهرية وشريح بن عبيد: أن يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف: صنف طولهم كطول الأرز، وصنف طوله وعرضه سواء، وصنف يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى فتغطى سائر جسده.
17589 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض قال: كان أبو سعيد الخدري يقول: إن نبي الله (ص) قال: لا يموت رجل منهم حتى يولد لصلبه ألف رجل قال: وكان عبد الله بن مسعود يعجب من كثرتهم ويقول: لا يموت من يأجوج ومأجوج أحد يولد له ألف رجل من صلبه.
فالخبر الذي ذكرناه عن وهب بن منبه في قصة يأجوج ومأجوج، يدل على أن الذين قالوا لذي القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض إنما أعلموه خوفهم ما يحدث منهم من الافساد في الأرض، لا أنهم شكوا منهم فسادا كان منهم فيهم أو في غيرهم، والاخبار عن رسول الله (ص) أنهم سيكون منهم الافساد في الأرض، ولا دلالة فيها أنهم قد كان منهم قبل إحداث ذي القرنين السد الذي أحدثه بينهم وبين من دونهم من الناس في الناس غيرهم إفساد.
فإذا كان ذلك كذلك بالذي بينا، فالصحيح من تأويل قوله إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض إن يأجوج ومأجوج سيفسدون في الأرض.