وليس الامر في إعرابه عندي على ما قاله الذين زعموا أنه رفع على النعت لعيسى، إلا أن يكون معنى القول الكلمة، على ما ذكرنا عن إبراهيم، من تأويله ذلك كذلك، فيصح حينئذ أن يكون نعتا لعيسى، وإلا فرفعه عندي بمضمر، وهو هذا قول الحق على الابتداء، وذلك أن الخبر قد تناهى عن قصة عيسى وأمه عند قوله ذلك عيسى ابن مريم ثم ابتدأ الخبر بأن الحق فيما فيه تمتري الأمم من أمر عيسى، هو هذا القول، الذي أخبر الله به عنه عباده، دون غيره. وقد قرأ ذلك عاصم بن أبي النجود وعبد الله بن عامر بالنصب، وكأنهما أرادا بذلك المصدر: ذلك عيسى ابن مريم قولا حقا، ثم أدخلت فيه الألف واللام. وأما ما ذكر عن ابن مسعود من قراءته: ذلك عيسى ابن مريم قال الحق، فإنه بمعنى قول الحق، مثل ألعاب والعيب، والذام والذيم.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: الرفع، لاجماع الحجة من القراء عليه. وأما قوله تعالى ذكره: الذي فيه يمترون فإنه يعني: الذي فيه يختصمون ويختلفون، من قولهم: ما ريت فلانا: إذا جادلته وخاصمته: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17876 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون امترت فيه اليهود والنصارى فأما اليهود فزعموا أنه ساحر كذاب وأما النصارى فزعموا أنه ابن الله، وثالث ثلاثة، وإله، وكذبوا كلهم، ولكنه عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه.
17877 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: الذي فيه يمترون قال: اختلفوا، فقالت فرقة: هو عبد الله ونبيه، فآمنوا به.
وقالت فرقة: بل هو الله. وقالت فرقة: هو ابن الله. تبارك وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال: فذلك قوله: فاختلف الأحزاب من بينهم والتي في الزخرف. قال دقيوس ونسطور ومار يعقوب، قال أحدهم حين رفع الله عيسى: هو الله، وقال الآخر: ابن الله، وقال الآخر: كلمة الله وعبده، فقال المفتريان: إن قولي هو أشبه بقولك، وقولك بقولي من