ويخترعها، إنما يقول، إذا قضى خلق شئ أو إنشاءه: كن فيكون موجودا حادثا، لا يعظم عليه خلقه، لأنه لا يخلقه بمعاناة وكلفة، ولا ينشئه بمعالجة وشدة.
وقوله: وإن الله ربي وربكم فاعبدوه اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: وأن الله ربي وربكم واختلف أهل العربية في وجه فتح أن إذا فتحت، فقال بعض نحويي الكوفة: فتحت ردا على عيسى وعطفا عليه، بمعنى: ذلك عيسى ابن مريم، وذلك أن الله ربي وربكم. وإذا كان ذلك كذلك كانت أن رفعا، وتكون بتأويل خفض، كما قال: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم قال: ولو فتحت على قوله: وأوصاني بأن الله، كان وجها. وكان بعض البصريين يقول: وذكر ذلك أيضا عن أبي عمرو بن العلاء، وكان ممن يقرؤه بالفتح إنما فتحت أن بتأويل وقضى أن الله ربي وربكم. وكانت عامة قراء الكوفيين يقرؤونه: وإن الله بكسر إن بمعنى النسق على قوله: فإنما يقول له. وذكر عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤه: فإنما يقول له كن فيكون إن الله ربي وربكم بغير واو.
قال أبو جعفر: والقراءة التي نختار في ذلك: الكسر على الابتداء. وإذا قرئ كذلك لم يكن لها موضع، وقد يجوز أن يكون عطفا على إن التي مع قوله قال إني عبد الله آتاني الكتاب وإن الله ربي وربكم ولو قال قائل، ممن قرأ ذلك نصبا: نصب على العطف على الكتاب، بمعنى: آتاني الكتاب، وآتاني أن الله ربي وربكم، كان وجها حسنا. ومعنى الكلام: وإني وأنتم أيها القوم جميعا الله عبيد، فإياه فاعبدوا دون غيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17878 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه، قال: عهد إليهم حين أخبرهم عن نفسه ومولده وموته وبعثه إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم أي إني وإياكم عبيد الله، فاعبدوه ولا تعبدوا غيره وقوله (هذا صراط مستقيم) يقول: هذا الذي أوصيتكم به، وأخبرتكم أن الله أمرني به هو الطريق المستقيم، الذي من سلكه نجا، ومن ركبه اهتدى، لأنه دين الله الذي أمر به أنبياءه. القول في تأويل قوله تعالى: