نحن سلم لكم، من المسالمة التي هي خلاف المحاربة، وهذه قراءة عامة قراء الكوفيين.
وقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والبصرة قالوا سلاما قال سلام على أن الجواب من إبراهيم (ص) لهم، بنحو تسليمهم عليكم السلام.
والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، لان السلم قد يكون بمعنى السلام على ما وصفت، والسلام بمعنى السلم، لان التسليم لا يكاد يكون إلا بين أهل السلم دون الأعداء، فإذا ذكر تسليم من قوم على قوم ورد الآخرين عليهم، دل ذلك على مسالمة بعضهم بعضا. وهما مع ذلك قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما أهل قدوة في القراءة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب.
وقوله: فما لبث أن جاء بعجل حنيذ وأصله محنوذ، صرف من مفعول إلى فعيل.
وقد اختلف أهل العربية في معناه، فقال بعض أهل البصرة منهم: معنى المحنوذ:
المشوي، قال: ويقال منه: حنذت فرسي، بمعنى سخنته وعرقته. واستشهد لقوله ذلك ببيت الراجز:
ورهبا من حنذه أن يهرجا وقال آخر منهم: حنذ فرسه: أي أضمره، وقال: قالوا حنذه يحنذه حنذا: أي عرقه.
وقال بعض أهل الكوفة: كل ما انشوى في الأرض إذا خددت له فيه فدفنته وغممته فهو الحنيذ والمحنوذ. قال: والخيل تحنذ إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق.
قال: ويقال: إذا سقيت فأحنذ، يعني أخفس، يريد: أقل الماء وأكثر النبيذ.
وأما التأويل، فإنهم قالوا في معناه ما أنا ذاكره، وذلك ما:
حدثني به المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: بعجل حنيذ يقول: نضيج.