إبراهيم يخدمان ضيفانهم بأنفسهما تكرمة لهم، وهم عن طعامهم ممسكون لا يأكلون. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: بعث الله الملائكة لتهلك قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب، حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه. فلما رآهم إبراهيم أجلهم فراغ إلى أهله، فجاء بعجل سمين، فذبحه ثم شواه في الرضف، فهو الحنيذ حين شواه. وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم، فذلك حين يقول: وامرأته قائمة وهو جالس. في قراءة ابن مسعود فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن قال: فإن لهذا ثمنا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره. فنظر جبرئيل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا. فلما رأى أيديهم لا تصل إليه يقول:
لا يأكلون، فزع منهم وأوجس منهم خيفة فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء، إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا.
وقال آخرون: بل ضحكت من أن قوم لوط في غفلة وقد جاءت رسل الله لهلاكهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته وعجبت من أن قوما أتاهم العذاب وهم في غفلة، فضحكت من ذلك وعجبت، فبشرناها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه قال: ضحكت تعجبا مما فيه قوم لوط من الغفلة ومما أتاهم من العذاب.
وقال آخرون بل ضحكت ظنا منها بهم أنهم يريدون عمل قوم لوط. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس، في قوله: وامرأته قائمة فضحكت قال: لما جاءت الملائكة ظنت أنهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوط.