العرب قولهم الحمد لله سرار ك وإهلالك، يعنون الهلال أوله وآخره، كأنهم قالوا:
الحمد لله أول الهلال وآخره، ومسموع منهم أيضا: الحمد لله ما إهلالك إلى سرارك. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: بسم الله مجراها ومرساها بفتح الميم من مجراها، وضمها من مرساها فجعلوا مجراها مصدرا من جري يجري مجرى، ومرساها من أرسى يرسي إرساء. وإذا قرئ ذلك كذلك كان في إعرابهما من الوجهين نحو الذي فيهما إذا قرئا: مجراها ومرساها بضم الميم فيهما على ما بينت.
وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه كان يقرأ ذلك: بسم الله مجريها ومرسيها بضم الميم فيهما، ويصيرهما نعتا لله. وإذا قرئا كذلك، كان فيهما أيضا وجهان من الاعراب، غير أن أحدهما الخفض وهو الأغلب عليهما من وجهي الاعراب لان معنى الكلام على هذه القراءة: بسم الله مجري الفلك ومرسيها، فالمجرى نعت لاسم الله. وقد يحتمل أن يكون نصبا، وهو الوجه الثاني، لأنه يحسن دخول الألف واللام في المجري والمرسي، كقولك بسم الله المجريها والمرسيها، وإذا حذفتا نصبتا على الحال، إذ كان فيهما معنى النكرة، وإن كانا مضافين إلى المعرفة. وقد ذكر عن بعض الكوفيين أنه قرأ ذلك: مجراها ومرساها، بفتح الميم فيهما جميعا، من جرى ورسا كأنه وجهه إلى أنه في حال جريها وحال رسوها، وجعل كلتا الصفتين للفلك كما قال عنترة:
فصبرت نفسا عند ذلك حرة * ترسو إذا نفس الجبان تطلع والقراءة التي نختارها في ذلك قراءة من قرأ: بسم الله مجراها بفتح الميم ومرساها بضم الميم، بمعنى: بسم الله حين تجري وحين ترسي. وإنما اخترت الفتح في ميم مجراها لقرب ذلك من قوله: وهي تجري بهم في موج كالجبال ولم يقل:
تجرى بهم. ومن قرأ: بسم الله مجراها كان الصواب على قراءته أن يقرأ: وهي تجري