شئت أهلكتهم من قبل وإياي قد سفهوا أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما فعل السفهاء منا؟ أي إن هذا لهم هلاك، قد اخترت منهم سبعين رجلا الخير فالخير، أرجع إليهم وليس معي رجل واحد؟ فما الذي يصدقونني به أو يأمنونني عليه بعد هذا؟
وقال آخرون في ذلك بما:
11784 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
أتهلكنا بما فعل السفهاء منا: أتؤاخذنا وليس منا رجل واحد ترك عبادتك ولا استبدل بك غيرك؟
وأولى القولين بتأويل الآية، قول من قال: إن موسى إنما حزن على هلاك السبعين بقوله: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا وأنه إنما عنى بالسفهاء: عبدة العجل وذلك أنه محال أن يكون موسى (ص) كان تخير من قومه لمسألة ربه ما أراه أن يسأل لهم إلا الأفضل فالأفضل منهم، ومحال أن يكون الأفضل كان عنده من أشرك في عبادة العجل واتخذه دون الله إلها.
قال: فإن قال قائل: فجائز أن يكون موسى عليه السلام كان معتقدا أن الله سبحانه يعاقب قوما بذنوب غيرهم، فيقول: أتهلكنا بذنوب من عبد العجل، ونحن من ذلك برآء؟
قيل: جائز أن يكون معنى الاهلاك: قبض الأرواح على غير وجه العقوبة، كما قال جل ثناؤه: إن امرؤ هلك يعني: مات، فيقول: أتميتنا بما فعل السفهاء منا.
وأما قوله: إن هي إلا فتنتك فإنه يقول جل ثناؤه: ما هذه الفعلة التي فعلها قومي من عبادتهم ما عبدوا دونك، إلا فتنة منك أصابتهم. ويعني بالفتنة: الابتلاء والاختبار.
يقول: ابتليتهم بها ليتبين الذي يضل عن الحق بعبادته إياه والذي يهتدي بترك عبادته.
وأضاف إضلالهم وهدايتهم إلى الله، إذ كان ما كان منهم من ذلك عن سبب منه جل ثناؤه.
وبنحو ما قلنا في الفتنة قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11785 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: إن هي إلا فتنتك قال: بليتك.
11786 - قال: ثنا حبويه الرازي، عن يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير: إلا فتنتك: إلا بليتك.