واختلفت القراء في قراءة قوله: ولتستبين سبيل المجرمين فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة: ولتستبين بالتاء سبيل المجرمين بنصب السبيل، على أن تستبين خطاب للنبي (ص) كأن معناه عندهم: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين. وكان ابن زيد يتأول ذلك: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين الذين سألوك طرد النفر الذين سألوه طردهم عنه من أصحابه.
10360 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ولتستبين سبيل المجرمين قال: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء.
وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين: ولتستبين بالتاء سبيل المجرمين برفع السبيل على أن القصد للسبيل، ولكنه يؤنثها. وكأن معنى الكلام عندهم: وكذلك نفصل الآيات ولتضح لك وللمؤمنين طريق المجرمين. وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة:
ولتستبين بالياء سبيل المجرمين برفع السبيل على أن الفعل للسبيل ولكنهم يذكرونه.
ومعنى هؤلاء في هذا الكلام، ومعنى من قرأ ذلك بالتاء في: ولتستبين ورفع السبيل واحد، وإنما الاختلاف بينهم في تذكير السبيل وتأنيثها.
وأولى القراءتين بالصواب عندي في السبيل الرفع، لان الله تعالى ذكره فصل آياته في كتابه وتنزيله، ليتبين الحق بها من الباطل جميع من خوطب بها، لا بعض دون بعض.
ومن قرأ السبيل بالنصب، فإنما جعل تبيين ذلك محصورا على النبي (ص). وأما القراءة في قوله: ولتستبين فسواء قرئت بالتاء أو بالياء، لان من العرب من يذكر السبيل وهم تميم وأهل نجد، ومنهم من يؤنث السبيل وهم أهل الحجاز، وهما قراءتان مستفيضتان في قراء الأمصار ولغتان مشهورتان من لغات العرب، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلاف لقراءته بالأخرى ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى بعد أن يرفع السبيل للعلة التي ذكرنا.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: نفصل الآيات قال أهل التأويل.
10361 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: وكذلك نفصل الآيات نبين الآيات.
10362 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في: نفصل الآيات: نبين. القول في تأويل قوله تعالى: