جابر، عن أبي جعفر، قوله: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي قال: كان يقرئهم القرآن النبي (ص).
وقال آخرون: بل عنى بدعائهم ربهم عبادتهم إياه. ذكر من قال ذلك:
10353 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يدعون ربهم بالغداة والعشي قال: يعني:
يعبدون، ألا تر أنه قال: لا جرم أنما تدعونني إليه يعني: تعبدونه.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى نهى نبيه محمدا (ص) أن يطرد قوما كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي والدعاء لله يكون بذكره وتمجيده والثناء عليه قولا وكلاما، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال التي كان عليهم فرضها وغيرها من النوافل التي ترضي والعامل له عابده بما هو عامل له وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي، لان الله قد سمى العبادة دعاء، فقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاص من الدعاء، ولا قول أولى بذلك بالصحة من وصف القوم بما وصفهم الله به من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي فيعمون بالصفة التي وصفهم بها ربهم ولا يخصون منها بشئ دون شئ. فتأويل الكلام إذن: يا محمد أنذر القرآن الذي أنزلته إليك، الذين يعلمون أنهم إلى ربهم محشورون، فهم من خوف ورودهم على الله الذي لا شفيع لهم من دونه ولا نصير، في العمل له دائبون إذ أعرض عن إنذارك واستماع ما أنزل الله عليك المكذبون بالله واليوم الآخر من قومك استكبارا على الله. ولا تطردهم ولا تقصهم، فتكون ممن وضع الاقصاء في غير موضعه فأقصى وطرد من لم يكن له طرده وإقصاؤه، وقرب من لم يكن له تقديمه بقربه وإدنائه فإن الذين نهيتك عن طردهم هم الذين يدعون ربهم فيسألون عفوه ومغفرته لصالح أعمالهم وأداء ما ألزمهم من فرائضه ونوافل تطوعهم وذكرهم إياه بألسنتهم بالغداة والعشي، يلتمسون بذلك القربة إلى الله والدنو من رضاه. ما عليك من حسابهم من