مصاديق معنية، فمثلا قال بعضهم: إن الآية تعني الدخول إلى المدينة والخروج منها إلى مكة المكرمة، أو الدخول إلى القبر والخروج منه يوم البعث، وأمثال هذه الأمور، ولكن من الواضح جدا أن التعبير القرآني الجامع في الآية الكريمة لا يمكن تحديده، فهو طلب في الدخول والخروج الصادق من جميع الأمور وفي كل الأعمال والمواقف والبرامج.
وفي الحقيقة فإن سر الانتصار يكمن هنا، وهذا هو طريق الأنبياء والأولياء الربانيين حيث كانوا يتجنبون كل غش وخداع وحيلة في أفكارهم وأقوالهم وأعمالهم وكل ما يتعارض مع الصدق.
وعادة فإن المصائب التي نشاهدها اليوم والتي تصيب الأفراد والمجتمعات والأقوام والشعوب، إنما هي بسبب الانحرافات عن هذا الأساس، ففي بعض الأحيان يكون أساس علمهم قائما على الكذب والغش والحيلة، وفي بعض الأحيان يدخلون إلى عمل معين بصدق ولكنهم لا يستمرون على صدقهم حتى النهاية. وهذا هو سبب الفشل والهزيمة.
أما الأصل الثاني الذي يعتبر من ناحية ثمرة لشجرة التوحيد، ومن ناحية أخرى نتيجة للدخول والخروج الصادق في الأعمال، فهو ما ذكرته الآية في نهايتها: واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا لماذا؟ لأنني وحيد، والإنسان الوحيد لا يستطيع أن ينجز عملا، ولا يستطيع أن ينتصر في مقابل جميع هذه المشاكل فيما إذا اعتمد على قوته وحدها، لذلك فسؤاله من الله تبارك وتعالى، هو انصرني واجعل لي نصيرا.
أعطني يا إلهي، لسانا ناطقا، وأدلة قوية في مقابل الأعداء، وأتباعا يضحون بأنفسهم، وإرادة قوية، وفكرا وضاءا، وعقلا واسعا بحيث تقوم كل هذه الأمور بنصرتي، فغيرك لا يستطيع إعطائي هذه الأشياء كلها.
وبعد أن ذكرت الآيات (الصدق) و (التوكل) جاء بعدها الأمل بالنصر