إلى كل مكان وأغاظت بشدة الملك الظالم، حيث قدر أن تكون هذه الهجرة مقدمة ليقظة ووعي الناس، أو قد يذهب أصحاب الكهف إلى مناطق بعيدة أو قريبة ويقومون بتبليغ مذهب التوحيد والدعوة إليه، ومحاربة الشرك وعبادة الأصنام.
لقد أصدر الحاكم تعليماته إلى جهاز شرطته للبحث عن أصحاب الكهف في كل مكان، وعليهم أن يتبعوا آثارهم حتى إلقاء القبض عليهم ومعاقبتهم.
ولكن كلما بحثوا لم يعثروا على شئ، وهذا الأمر أصبح بحد ذاته لغزا للناس، ونقطة انعطاف في أفكارهم، وقد يكون هذا الأمر - وهو قيام مجموعة من ذوي المناصب في الدولة بترك مواقعهم العالية في الدولة وتعريض أنفسهم للخطر - هو بحد ذاته سببا ليقظة الناس ومصدرا لوعيهم، أو لوعي قسم منهم على الأقل.
ولكن في كل الأحوال، فإن قصة هؤلاء النفر قد استقرت في صفحات التأريخ وأخذت الأجيال والأقوام تتناقلها عبر مئات السنين.
والآن لنعد إلى الشخص المكلف بشراء الطعام ولننظر ماذا جرى له.
لقد دخل المدينة ولكنه فغر فاه من شدة التعجب، فالشكل العام للبناء قد تغير، هندام الجميع ولباسهم غريب عليه، الملابس من طراز جديد، خرائب الأمس تحولت إلى قصور، وقصور الأمس تحولت إلى خرائب!
لقد ظن - للحظة واحدة - أنه لا يزال نائما، وأن ما يشاهده ليس سوى أحلام، فرك عينيه، إلا أنه التفت إلى ما يراه، وهو عين الحقيقة، وإن كانت عجيبة ولا يمكن تصديقها.
إنه لا يزال يعتقد بأن نومهم في الغار كان ليوم أو بعض يوم، فلماذا هذا الاختلاف، وكيف تمت كل هذه التغييرات الكبيرة والواسعة في ظرف يوم واحد؟!