في العلم، ولكن في جميع الأحوال يبقى هو هو، ولا يصبح إنسانا آخر، وهكذا في تعامل الآخرين معه حيث يعتبره الآخرون شخصية واحدة منذ أول حياته وإلى آخر لحظة فيها باسم واحد وجنسية معينة.
والآن لنرى ما هو هذا الكائن المتوغل في أعماقنا؟ فهل هو ذرات وخلايا جسدنا ومجموعة الخلايا الدماغية وتأثيراتها؟ إن كل هذه الأمور قد تغيرت على مدى عمرنا عدة مرات، تقريبا في كل سبع سنوات مرة واحدة، حيث نعرف أنه في كل يوم تموت ملايين الخلايا في جسدنا لتحل محلها ملايين أخرى جديدة، ومثلها في ذلك مثل البناء الذي يتم إخراج الطابوق القديم منه ووضع طابوق جديد في مكانه فلو استمر التعمير في هذا البناء فإن البنية الأساسية لن تتغير، ولكن يبقى البيت هو نفس ذاك البيت برغم أن الناس السطحيين لا يلتفتون لذلك. ومثل خلايا الجسم التي تموت وتحيا كمثل المسبح الكبير الذي يدخله الماء ببطء ويخرج من طرف آخر. طبيعي أن ماء هذا المسبح سيتغير بعد مدة بشكل كامل بالرغم من عدم التفات الناس إلى ذلك، إذ يظنون أن ماء المسبح ما زال على حاله لم يتغير.
وبشكل عام، إن كل موجود يحصل على الطعام ومن جانب ثان يستهلك هذا الطعام، فإنه في الواقع يتجدد ويتغير بالتدريج.
لذا فإن إنسانا في السبعين من عمره لا يبعد أن يكون جسمه قد تغير عشر مرات، وإذا كان الأمر كما يقول الماديون، من أن الإنسان هو نفس جسمه وأجهزته الدماغية والعصبية وخواصه الفيزيائية والكيميائية، ففي هذه الحالة يجب أن يكون ال (أنا) قد تغير عشر مرات خلال هذه السنوات السبعين! ولهذا يكون هذا الإنسان ليس الإنسان السابق، إلا أن هذا الكلام لا يقبله أي وجدان.
ومن هنا يتضح أن ثمة حقيقة واحدة ثابتة على طول العمر، هي غير الأجزاء المادية، هذه الحقيقة لا تتغير كالأجزاء المادية، وهي أساس وجودنا وتتحكم في حياتنا وهي سبب وحدة شخصيتنا.