3 - والآن لنر من خلال هذه النقطة ما هو المقصود بالروح في الآية التي نبحثها؟
ما هي الروح التي سأل عنها جماعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجابهم بقوله تعالى:
ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا؟
يمكن أن نستفيد من مجموع القرائن الموجودة في الآية أن المستفسرين سألوا عن حقيقة الروح الإنسانية، هذه الروح العظيمة التي تميز الإنسان عن الحيوان، وقد شرفتنا بأفضل الشرف، حيث تنبع كل نشاطاتنا وفعالياتنا منها، وبمساعدتها نجول في الأرض ونتأمل السماء، نكتشف أسرار العلوم، ونتوغل في أعماق الموجودات... إنهم أرادوا معرفة حقيقة أعجوبة عالم الخلق!!
ولأن الروح لها بناء يختلف عن بناء المادة، ولها أصول تحكمها تختلف عن الأصول التي تحكم المادة في خواصها الفيزيائية والكيميائية، لذا فقد صدر الأمر إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول لهؤلاء في جملة قصيرة قاطعة: قل الروح من أمر ربي. ولكي لا يتعجب هؤلاء أو يندهشوا من هذا الجواب فقد أضافت الآية:
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا حيث لا مجال للعجب بسبب عدم معرفتكم بأسرار الروح بالرغم من أنها أقرب شئ إليكم.
وفي تفسير العياشي نقل الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) أنهما قالا في تفسير آية يسألونك عن الروح ما نصه: " إنما الروح خلق من خلقه، له بصر وقوة وتأييد، يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين " (1).
وفي حديث آخر عن الإمامين الباقر والصادق أنهما (عليهما السلام) قالا: " هي من الملكوت، من القدرة " (2).