بل إنه يستفاد من هذه الآية أن الذنب عبارة عن نقص في الإيمان، وأنه بعد التوبة يقوم الشخص التائب بتجديد الإيمان ليتطهر من هذا النقص.
3 هل تقبل توبة المرتد؟
يبدو من الآية أعلاه ومن سبب نزولها أن قبول توبة المرتد (وهو الذي أسلم ثم عاد عن إسلامه) يرتبط بنوع الإرتداد. فثمة " المرتد الفطري " وهو المرتد الذي ولد من أبوين مسلمين، أو انعقدت نطفته حين كان أبواه مسلمين، ثم قبل الإسلام وعاد عنه بعد ذلك. وهناك " المرتد الملي " وهو الذي لم يولد من أبوين مسلمين.
توبة المرتد الملي تقبل، وعقوبته في الواقع خفيفة لأنه ليس مسلما بالمولد، لكن حكم المرتد الفطري أشد. هذا المرتد - وإن قبلت توبته لدى الله سبحانه - يحكم بالإعدام إن ثبت ارتداده. وتوزع أمواله على ورثته المسلمين، وتنفصل عنه زوجته، ولا تحول توبته دون إنزال هذه العقوبة بحقه.
لكن هذه الشدة تخص - كما قلنا - المرتد الفطري، وبشرط أن يكون رجلا.
قد تعجب بعضهم لهذا التشدد، وربما اعتبر نوعا من الفظاظة القاسية البعيدة عن الرحمة، الأمر الذي لا يتسق مع روح الإسلام.
غير أن لهذا الحكم فلسفة أساسا، وهي حفظة الجبهة الداخلية في بلاد الإسلام ضد نفوذ المنافقين والأجانب، وللحيلولة دون تفككها واضمحلالها. إن الإرتداد ضرب من التمرد على نظام البلد الإسلامي، وحكمه الإعدام في أنظمة الكثير من قوانين العالم اليوم. إذ لو أجيز لمن يشاء أن يعتنق الإسلام متى شاء وأن يرتد عنه متى شاء، لتحطمت الجبهة الداخلية سريعا، ولانفتحت أبواب البلد أمام الأعداء