مر في الآية 80 من سورة التوبة: والله لا يهدي القوم الفاسقين، ومن لا يكون له نصيب من الهداية الإلهية، فإن مصيره إلى النار.
* * * هنا ثلاث نقاط لابد أن ننتبه لها:
1 - هل هذه الآية مقصورة على بشارة الأنبياء السابقين وميثاقهم بالنسبة لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، أم أنها تشمل كل نبي يبعث بعد نبي قبله؟
يظهر من الآية أنها تعبر عن مسألة عامة، وإن كان خاتم الأنبياء مصداقها البارز. كما أن هذا المعنى الواسع يتسق مع روح مفاهيم القرآن. لذلك إذا ما رأينا في بعض الأخبار أن المقصود هو نبي الإسلام الكريم، فما ذلك إلا من قبيل تفسير الآية وتطبيقها على أجلى مصاديقها، وليس لأن المعنى جاء على سبيل الحصر.
ينقل الفخر الرازي في تفسيره عن الإمام علي (عليه السلام) قال: " إن الله تعالى ما بعث آدم (عليه السلام) ومن بعده من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلا أخذ عليهم العهد لئن بعث محمد عليه الصلاة والسلام وهو حي، ليؤمنن به ولينصرنه " (1).
2 - بعد أخذ مضمون الآية بنظر الاعتبار، يبرز هذا السؤال: أيمكن أن يظهر نبي من أولى العزم في زمان نبي آخر من أولي العزم حتى يتبعه؟
يمكن القول في جواب هذا السؤال: إن الميثاق لم يؤخذ من الأنبياء وحدهم، بل ومن أتباعهم أيضا، كما قلنا في تفسير الآية، والواقع أن القصد من أخذ الميثاق من الأنبياء وأخذه من أممهم والأجيال التي تولد بعدهم وتدرك عصر النبي التالي. كما أن الأنبياء أنفسهم يؤمنون أيضا إذا أدركوا - فرضا - عهد الأنبياء التالين. أي أن أنبياء الله لا ينفصلون إطلاقا في أهدافهم وفي دعوتهم ولا صراع أو خلاف بينهم.