تفسير الآيات: 139 - 143... 708 سبب النزول... 708 دراسة نتائج غزوة أحد... 709 الحوادث المرة ميدان تربية... 712 مزاعم جوفاء... 714 دراسة سريعة لعلل الهزيمة في " أحد "... 715 تفسير الآيتان: 144 - 145... 717 سبب النزول... 717 لا لعبادة الشخصية وتقديس الفرد... 718 تفسير الآيات: 146 - 148... 723 المجاهدون السابقون... 723 وقفات أخرى عند هذه الآيات... 725 تفسير الآيات: 149 - 151... 727 تحذيرات مكررة... 727 الانتصار بسبب خوف العدو... 730 تفسير الآيات: 152 - 154... 732 الهزيمة بعد الانتصار... 733 وساوس الجاهلية... 736 تفسير الآية: 155... 740 الذنب ينتج ذنبا آخر... 740 تفسير الآيات: 156 - 158... 742 استغلال المنافقين... 742 2 الآيتان فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (159) إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (160) 2 التفسير 3 الأمر بالعفو العام:
هذه الآية وإن كانت تتضمن سلسلة من التعاليم الكلية الموجهة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتشتمل من حيث المحتوى على برامج كلية وأساسية، ولكنها من حيث النزول ترتبط بواقعة " أحد " لأنه بعد رجوع المسلمين من " أحد " أحاط الأشخاص الذين فروا من المعركة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأظهروا له الندامة من فعلتهم وموقفهم، وطلبوا منه العفو.
فأصدر الله سبحانه إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بأن يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئهم ويستقبل المخطئين التائبين منهم بصدر رحب.
إذ قال تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ولقد أشير في هذه الآية - قبل أي شئ - إلى واحدة من المزايا الأخلاقية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ألا وهي اللين مع الناس والرحمة بهم، وخلوه من الفظاظة والخشونة.
" الفظ " - في اللغة - هو الغليظ الجافي الخشن الكلام، و " غليظ القلب " هو قاسي الفؤاد الذي لا تلمس منه رحمة، ولا يحس منه لين.
وهاتان الكلمتان وان كانتا بمعنى واحد هو الخشونة، إلا أن الغالب استعمال الأولى في الخشونة الكلامية، واستعمال الثانية في الخشونة العملية والسلوكية، وبهذا يشير سبحانه إلى ما كان يتحلى به الرسول الأعظم من لين ولطف تجاه المذنبين والجاهلين.
ثم إنه سبحانه يأمر نبيه بأن يعفو عنهم إذ يقول: فاعف عنهم واستغفر لهم.
وهذا الكلام يعني أنه سبحانه يطلب منه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتنازل عن حقه لهم إذ تفرقوا عنه في أحلك الظروف، وسببوا له تلك المصائب والمتاعب في تلك المعركة، وأنه يشفع لهم لدى نبيه بأن يتجاوز عنهم، وأن يشفع هو بدوره لهم عند الله ويطلب المغفرة لهم منه سبحانه.
وبتعبير آخر أنه سبحانه يطلب من نبيه أن يعفو عنهم فيما بينه وبينهم، وأما ما بين الله وبينهم فهو سبحانه يغفر لهم ذلك. وقد فعل الرسول الكريم ما أمره به ربه وعفى عنهم جميعا.
ومن الواضح أن هذا المقام كان من الموارد التي تتطلب حتما العفو والمغفرة، واللطف واللين، ولو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعل غير ذلك لكان يؤدي ذلك إلى انفضاض الناس من حوله، وتفرقهم عنه، إذ أن الجماعة رغم أنها أصيبت بالهزيمة النكراء، وتحملت ما تحملت من القتلى والجرحى، وكانوا هم السبب في ذلك، إلا أنهم أحوج ما يكونون إلى العطف واللطف وإلى اللين والعفو، وإلى البلاسم التي تبل جراحاتهم، وإلى المراهم التي تهدئ خواطرهم، حتى يتهيأوا بعد شفائها واستعادة معنوياتهم إلى مواجهة أحداث المستقبل، وتحمل المسؤوليات القادمة.
إن في هذه الآية إشارة صريحة إلى إحدى أهم الصفات التي يجب توفرها في أية قيادة، ألا وهي العفو واللين تجاه المتخلفين التائبين، والعصاة النادمين، والمتمردين العائدين، ومن البديهي أن الذي يتصدى للقيادة لو خلى عن هذه الخصلة الهامة، وافتقر إلى روح السماحة، وافتقد صفة اللين، وعامل من حوله بالخشونة والعنف والفظاظة فسرعان ما يواجه الهزيمة، وسرعان ما تصاب مشاريعه وبرامجه بنكسات ماحقة، تبدد جهوده، وتذري مساعيه أدراج الرياح، إذ يتفرق الناس من حوله، فلا يمكنه القيام بمهام القيادة ومسؤولياتها الجسيمة، ولهذا قال الإمام أمير المؤمنين مشيرا إلى هذه الخصلة القيادية الحساسة " آلة الرياسة سعة الصدر ".
3 الأمر بالمشاورة:
بعد إصدار الأمر بالعفو العام يأمر الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يشاور المسلمين في الأمر ويقف على وجهات نظرهم، وذلك إحياءا لشخصيتهم، ولبث الروح الجديدة في كيانهم الفكري والروحي اللذين أصابهما الفتور بعد الذي حدث.
على أن هذا الأمر للنبي بمشاورة المسلمين إنما هو لأجل أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - كما أسلفنا - قد استشار المسلمين قبل الدخول في معركة " أحد " في كيفية مواجهة العدو واستقر رأي الأغلبية منهم على التعسكر عند جبل " أحد " فكان ما كان من