هذا جانب آخر من خطاب الله إلى المسيح. والقصد من التطهير هنا هو إنقاذه من الكفار الخبثاء البعيدين عن الحق والحقيقة الذين كانوا يوجهون إليه التهم الباطلة، ويحوكون حوله المؤامرات ساعين إلى تلويث سمعته، فنصر الله دينه، وطهره من تلك التهم، بمثل ما نقرأه عن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول سورة الفتح ش إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. أي أننا هيأنا لك نصرا واضحا كي يغفر لك الله ذنوبك السابقة واللاحقة (ويطهرك من التهم التي ألصقوها بك على شكل ذنوب).
كما يحتمل أن يعني التطهير إخراج المسيح من ذلك المحيط الملوث. وهذا يناسب الآية السابقة.
ش وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وهذه بشارة يبشر بها الله المسيح وأتباعه لتشجيعهم على المضي في الطريق الذي اختاروه. والواقع أن هذه واحدة من آيات الإعجاز ومن تنبؤات القرآن الغيبية التي تقول إن أتباع المسيح سوف يسيطرون دائما على اليهود الذين عادوا المسيح.
وها نحن اليوم نرى هذه الحقيقة رأي العين، فاليهود الصهاينة، - بغير الاستناد إلى المسيحيين - غير قادرين على إدامة حياتهم السياسية والاجتماعية يوما واحدا. بديهي أن " الكافرين " هنا هم اليهود الذين كفروا بالمسيح.
وفي ختام الآية يقول تعالى: ثم إلي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ويعني أن ما تقدم من الانتصارات والبشائر يتعلق بالحياة الدنيا، أما المحكمة النهائية ونيل الجزاء الكامل فسيكون في الآخرة.
* * *