فقال له حاطب: ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟ فماله حيث أخذه قومه، فأرادوا أن يقتلوه، أن لا يكون دعا عليهم، أن يهلكهم الله تعالى، حتى رفعه الله إليه؟
قال: أحسنت أنت حكيم من عند حكيم.
ثم قال له حاطب: إنه كان قبلك من يزعم أنه الرب الأعلى - يعني فرعون - فأخذه الله نكال الآخرة والأولى فانتقم به، ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك.
إن هذا النبي دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمرى، ما بشارة موسى بعيسى عليهما الصلاة والسلام، إلا كبشارة عيسى بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن، إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكل نبي أدرك قوما فهم أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدرك هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح بل نأمرك به.
بقي حاطب بن ا بي بلتعة أياما ينتظر جواب المقوقس على رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعدها استدعاه المقوقس إلى قصره واستزاده معرفة بالإسلام وقال له:
إلى ما يدعو محمد؟
قال حاطب: إلى أن نعبد الله وحده، ويأمر بالصلاة، خمس صلوات في اليوم والليلة، ويأمر بصيام رمضان، وحج البيت، والوفاء بالعهد، وينهي عن أكل الميتة، والدم... ثم شرح له بعض جوانب حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال المقوقس: هذه صفته، وكنت أعلم أن نبيا قد بقي، وكنت أظن أن مخرجه بالشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج من أرض العرب.
ثم دعا كاتبه الذي يكتب له بالعربية فكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام