ش ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه.
" يبتغ " من " الإبتغاء " بمعنى الطلب والسعي، ويكون في الأمور المحمودة وفي الأمور المذمومة. هنا يختتم البحث المذكور باستنتاج نتيجة كلية، وهي أن الدين الحقيقي هو الإسلام، أي التسليم لأمر الله بمعناه العام، وأما بمفهومه الخاص فهو الانتقال إلى الدين الإسلامي الذي هو أكمل الأديان، فتقول الآية: أنه لا يقبل من أحد سوى الإسلام مع الأخذ بنظر الاعتبار احترام سائر الشرايع الإلهية المقدسة. فكما أن طلاب الجامعة في نفس الوقت الذي يحترمون فيه الكتب الدراسية للمراحل السابقة من الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، فإنه لا يقبل منهم سوى دراسة الكتب والدروس المقررة للمرحلة النهائية، فكذلك الإسلام. وأما الذين يتخذون غير هذه الحقيقة دينا، فلن يقبل منهم هذا أبدا، ولهم على ذلك عقاب شديد وهو في الآخرة من الخاسرين ذلك لأنه تاجر بثروة وجوده مقابل بضع خرافات وتقاليد بالية، وعصبيات جاهلية وعنصرية، ولا شك أنه هو الخاسر في هذه الصفقة. وإذا ما خسر الإنسان ثروة وجوده، وجد نتيجة ذلك حرمانا وعذابا وعقابا يوم القيامة.
وذكر بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في اثني عشر من المنافقين الذين أظهروا الإيمان، ثم ارتدوا، وخرجوا من المدينة إلى مكة، فنزلت الآية وأنذرتهم بأنه من اعتنق غير الإسلام فهو من الخاسرين.
وفي الدر المنثور في قوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا الآية أخرج أحمد والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تجئ الأعمال يوم القيامة فتجئ الصلاة فتقول: يا رب أنا الصلاة فيقول: إنك على خير، وتجئ الصدقة فتقول يا رب أنا الصدقة فيقول: إنك على خير، ثم يجئ الصيام فيقول: أنا الصيام فيقول: إنك على خير، ثم تجئ الأعمال كل ذلك يقول