فلا ينطلق قدما إلى الأمام، بل يعلق أمله - إلى جانب الأخذ بالأسباب - على عناية الله وحمايته ولطفه ومنه.
ولا ريب أن مثل هذه الالتفاتة تهب للإنسان استقرارا نفسيا عاليا، وطاقة روحية فعالة، ومعنوية تتضائل أمامها كل الصعاب والمشاق، وتتحطم عندها كل أمواج المشكلات العاتية، أو تنزاح أمامها كل الأهوال (وسوف نشرح بإسهاب إن شاء الله مسألة التوكل وكيفية العلاقة بينها وبين الاستفادة من وسائل العالم المادي في ذيل قوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا (1).
ثم إنه سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين في ختام الآية أن يتوكلوا على الله فحسب لأنه تعالى يحب المتوكلين إذ يقول: إن الله يحب المتوكلين.
هذا ويستفاد من هذه الآية أن التوكل يجب أن يكون بعد التشاور، وبعد الأخذ والاستفادة من جميع الإمكانيات المتاحة للإنسان حتما.
3 نتيجة التوكل وثمرته:
بعد أن يحث الباري سبحانه وتعالى عباده على أن يتوكلوا عليه، يبين في هذه الآية - التي هي مكملة للآية السابقة - نتيجة التوكل وثمرته وفائدته العظمى فيقول: إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وهو بهذا يشير إلى أن قدرة الله فوق كل القدرات، فإذا أراد بعبد خيرا وأراد نصره وتأييده والدفاع عنه لم يكن في مقدور أية قوة في الأرض - مهما عظمت - أن تتغلب عليه، فمن كان - هكذا - منبع كل الانتصارات، وجب التوكل عليه، واستمداد العون منه.
فهذه الآية تتضمن ترغيبا للمؤمنين بأن يتكلوا على الله وقدرته التي لا تقهر،