ثم مرة أخرى تتكرر الجملة التي قرأنا على لسان المسيح في الآية السابقة:
ش وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون.
وفي الآية الثانية تؤكد على لسان السيد المسيح (عليه السلام) عبودية المسيح لرفع كل إبهام وريب قد ينشأ من كيفية ولادته التي قد يتشبث بها البعض لإثبات إلوهيته وتقول: ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم يتضح من هذه الآية ومن آيات أخرى أن السيد المسيح، لكي يزيل كل إبهام وخطأ فيما يتعلق بولادته الخارقة للعادة، ولكي لا يتخذونها ذريعة لتأليهه، كثيرا ما يكرر القول إن الله ربي وربكم وإني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (1)، بخلاف ما نراه في الأناجيل المحرفة الموجودة التي تنقل عن المسيح أنه كان يستعمل " الأب " في كلامه عن الله. إن القرآن يذكر " الرب " بدلا من ذلك: إن الله ربي وربكم. وهذا أكثر ما يمكن أن يقوم به المسيح في محاربة من يدعي بألوهيته. بل لكي يكون التوكيد على ذلك أقوى يقول للناس فاعبدوه أي اعبدوا الله ولا تعبدوني.
ولذلك نجد أنه لم يكن أحد من الناس يتجرأ في حياة السيد المسيح (عليه السلام) أن يدعي إلوهيته أو أنه أحد الإلهة، وحتى بعد عروجه بقرنين من الزمان لم تخالط تعليماته في التوحيد شوائب الشرك، إلا أن التثليث باعتراف أرباب الكنيسة ظهر في القرن الثالث للميلاد (وسيأتي تفصيل ذلك في ذيل الآية 171 من سورة النساء).
* * *