الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٦٨١
المبارك، وأما المسلمين الذين فروا من ساحة المعركة، ثم ندموا على ذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها واعتذروا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطلبوا منه العفو.
فالآية تقول: إن العفو عنهم، أو معاقبتهم على ما فعلوا، أمر يعود إلى الله تعالى، وأن النبي لن يفعل شيئا بدون إذنه سبحانه.
وهناك تفسير آخر، وهو أن يعتبر قوله ليس لك من الأمر شئ جملة اعتراضية، وتكون جملة أو يتوب عليهم جملة معطوفة على أو يكبتهم وتعتبر هذه الآية متصلة بالآية السابقة.
وعلى هذا يكون المراد من مجموع الآيتين، السابقة والحاضرة هو: إن الله سيمكنكم من وسائل النصر ويصيب الكفار بإحدى أمور أربعة: إما أن يقطع طرفا من جيش المشركين، أو يردهم على أعقابهم خائبين مخزيين، أو يتوب عليهم إذا أصلحوا، أو يعذبهم بظلمهم، وعلى كل حال فإنه سيعامل كل طائفة وفق ما تقتضيه الحكمة والعدالة، وليس لك أن تتخذ أي موقف من عندك إذ كل ذلك إلى الله تعالى.
ولقد نقلت في سبب نزول هذه الآية روايات عديدة منها أنه لما كان من المشركين يوم " أحد " ما كان من كسر رباعية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وشجه حتى جرى الدم على وجهه الشريف، ولحق بالمسلمين ما لحق من الخسائر في الأرواح والإصابات في الأبدان قلق النبي على مصير أولئك القوم، وفكر في نفسه، كيف يمكن أن تهتدي تلك الجماعة المتمادية في غيها وعنادها وقال: " كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم "؟ فنزلت الآية وأخبره تعالى فيها أنه ليس إليه إلا ما أمر به من تبليغ الرسالة ودعائهم إلى الهدى، فهو ليس مسؤولا عن هدايتهم إن لم يهتدوا ولم يستجيبوا لندائه.
3 تصحيح خطأ:
لابد هنا من الانتباه إلى نقطتين:
(٦٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 676 677 678 679 680 681 682 683 684 685 686 ... » »»
الفهرست