أن مسألة اطلاق سراح سجين وقتل آخر لا علاقة له بقضية الإحياء والإماتة الطبيعيتين أبدا، ولكن قد يكون هذا الدليل غير كاف لأمثال هؤلاء السذج، ويحتمل وقوعهم تحت تأثير سفسطة ذلك الجبار المكار، فلهذا قدم إبراهيم (عليه السلام) دليله الآخر وهو مسألة طلوع وغروب الشمس لكي يتضح الحق للجميع (1).
وما أحسن ما صنع إبراهيم (عليه السلام) من تقديمه مسألة الحياة والموت كدليل على المطلوب حتى يدعي ذلك الجبار مشاركة الله تعالى في تدبير العالم، ثم طرح مسألة طلوع وغروب الشمس بعد ذلك ليتضح زيف دعواه ويحجم عن دعوى المشاركة.
ويتضح ضمنا من جملة والله لا يهدي القوم الظالمين أن الهداية والضلالة بالرغم من أنهما من أفعال الله تعالى، إلا أن مقدماتهما بيد العباد، فارتكاب الآثام من قبيل الظلم والجور والمعاصي المختلفة تشكل على القلب والبصيرة حجب مظلمة تمنع من أدراك الحقائق على حقيقتها.
* * * ملاحظات 1 - القرآن لا يذكر اسم هذا الشخص الذي حاج إبراهيم، ويشير إليه بقوله:
أن آتاه الله الملك أي أنه لغروره بحكمه قام بمحاججة إبراهيم.
صاحب تفسير الدر المنثور نقل عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) رواية تذكر أنه " النمرود بن كنعان " وكتب التاريخ تذكر هذا الاسم أيضا.
2 - على الرغم من عدم تعرض القرآن لذكر وقت هذا الحوار، فالقرائن تدل