الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
عبارة وسع كرسيه السماوات والأرض يمكن أن تشير إلى حكومة الله المطلقة ونفوذ قدرته في السماوات والأرض، كما تشير في الوقت نفسه إلى علمه النافذ، وكذلك إلى عالم أوسع بكثير من عالمنا هذا. وهذه الآية تكمل الآيات السابقة عن سعة علم الله.
بعبارة موجزة أن عرش حكومة الله وقدرته يهيمن على السماوات والأرض جميعا، وأن كرسي علمه يحيط بكل هذه العوالم، وما من شئ يخرج عن نطاق حكمه ونفوذ علمه.
قوله: ولا يؤوده حفظهما. " يؤوده " من " أود " - على وزن قول - بمعنى الثقل والمشقة، أي أن حفظ السماوات والأرض ليس فيه أي ثقل أو مشقة على الله، فهو ليس مثل مخلوقاته التي يتعبها الحفاظ على الأشياء ويوهنها، ذلك لأن المخلوقات ضعيفة محدودة القدرة، وقدرته غير محدودة، ومن لا حدود لقدرته لا يكون للثقل والخفة والصعب والسهل مفهوم عنده. فهذه مفاهيم تصدق عند من تكون قدراتهم محدودة.
مما تقدم يتضح أن الضمير في " يؤوده " يعود على الله، ويؤكد هذا ما سبق من آيات والآية التالية، فضمائرها كلها تعود على الله، وعليه فإن احتمال عود هذا الضمير إلى " الكرسي " - باعتبار أن حفظ السماوات والأرض ليس ثقيلا على الكرسي - ضعيف جدا.
قوله: وهو العلي العظيم. توكيد لما سبق. أي أن الله الذي هو أرفع وأعلى من كل شبيه وشريك، ومنزه عن كل نقص وعيب، وهو العظيم اللامحدود، لا يصعب عليه أي عمل ولا يتعبه حفظ عالم الوجود وتدبيره، ولا يغفل عنه أبدا، وعلمه محيط بكل شئ.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست