ويسخرون من الذين آمنوا في حين أن المؤمنين والمتقين في أعلى عليين في الجنة، وهؤلاء في دركات الجحيم والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة.
لأن المقامات المعنوية تتخذ صور عينية في ذلك العالم، ويكتسب المؤمنون درجات أسمى من هؤلاء، وكأن هؤلاء يسيرون في أعماق الأرض بينما يحلق الصالحون في أعالي السماء، وليس ذلك بعجيب والله يرزق من يشاء بغير حساب.
وهذه في الحقيقة بشارة للمؤمنين الفقراء وإنذار وتهديد للأغنياء والأثرياء المغرورين، وهناك احتمال آخر أيضا وهو أن الجملة الأخيرة تشير إلى أن الله تعالى يرزق المؤمنين في المستقبل بدون حساب، وذلك بتقدم الإسلام واتساعه حيث تحقق هذا الوعد الإلهي.
وكون ذلك الرزق الإلهي بدون حساب للمؤمنين إشارة إلى أن الثواب والمواهب الإلهية ليست بمقدار أعمالنا إطلاقا، بل هي مطابقة لكرمه ولطفه، ونعلم أن كرمه ولطفه ليست لهما حدود ونهاية.
* * * ملاحظة إن الحياة المادية في منظار الكافرين - الذين لا يتعدى أفق تفكيرهم إطار العالم المادي - جميلة وجذابة ومعيار تقويم كل شئ، ومن هنا فإنهم ينظرون بفكرهم الضيق إلى الفقراء نظرة تحقير واستهانة واستهزاء، ولا يقيمون وزنا للقيم المعنوية والإنسانية.
ويبقى هنا سؤال عن معنى فعل المجهول (زين) فمن الذي يزين الدنيا في أنظار الكافرين؟ الجواب على هذا السؤال سيأتي إن شاء الله في تفسير الآية (14) من سورة آل عمران.