والطاعة لأوامر القيادة.
وطالوت الذي كان يتجه بجنوده للجهاد، كان لابد له أن يعلم إلى أي مدى يمكن الاعتماد على طاعة هؤلاء الجنود، وعلى الأخص أولئك الذين ارتضوه واستسلموا له على مضض مترددين، ولكنهم في الباطن كانت تراودهم الشكوك بالنسبة لإمرته، لذلك يؤمر طالوت أمرا إلهيا باختبارهم، فيخبرهم أنهم سوف يصلون عما قريب إلى نهر، فعليهم أن يقاوموا عطشهم، وألا يشربوا إلا قليلا، وبذلك يستطيع أن يعرف إن كان هؤلاء الذين يريدون أن يواجهوا سيوف الأعداء البتارة يتحملون سويعات من العطش أم لا.
وشرب الأكثرية كما قلنا في سرد الحكاية، وكما جاء بإيجاز في الآية.
وهكذا جرت التصفية الثانية في جيش طالوت. وكانت التصفية الأولى عندما نادى المنادي للاستعداد للحرب وطلب الجميع بالاشتراك في الجهاد إلا الذين كانت لهم التزامات تجارية أو عمرانية أو نظائرها.
فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده.
تفيد هذه الآية أن تلك القلة التي نجحت في الامتحان هي وحدها التي تحركت معه، ولكن عندما خطر لهؤلاء القلة أنهم مقدمون على مواجهة جيش جرار وقوي، ارتفعت أصواتهم بالتباكي على قلة عددهم، وهكذا بدأت المرحلة الثالثة في التصفية.
قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين (1).