الجملة تقول: أفرغ علينا صبرا.
و (الإفراغ) تعني في الأصل صب السائل بحيث يخلو الإناء مما فيه تماما، ومجئ (صبر) بصيغة النكرة يؤكد هذا المعنى بشكل أكبر.
الاعتماد على ربوبية الخالق جل وعلا بقولهم (ربنا) وكذلك عبارة (إفراغ) مضافا إلى كلمة (على) التي تبين أن النزول من الأعلى، وكذلك عبارة (صبرا) في صيغة النكرة كل هذه المفردات تدل على نكات عميقة لمفهوم هذا الدعاء وأنه دعاء عميق المغزى وبعيد الأفق.
الثاني: أنهم طلبوا من الله تعالى أن يثبت أقدامهم وثبت أقدامنا حتى لا يرجح الفرار على القرار، والواقع أن الدعاء الأول إتخذ سمة الطلب النفسي والباطني، وهذا الدعاء له جنبة ظاهرية وخارجية، ومن المسلم أن ثبات القدم هو من نتائج روح الاستقامة والصبر.
الثالث: من الأمور التي طلبها جيش طالوت هو وانصرنا على القوم الكافرين وهو في الواقع الهدف الأصلي من الجهاد وينفذ النتيجة النهائية للصبر والاستقامة وثبات الأقدام.
ومن المسلم أن الله تعالى سوف لا يترك عبادة هؤلاء لوحدهم أمام الأعداء مع قلة عددهم وكثرة جيش العدو، ولذلك تقول الآية التالية: فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت.
وكان داوود في ذلك الوقت شابا صغير السن وشجاعا في جيش طالوت. ولا تبين الآية كيفية قتل ذلك الملك الجبار بيد داود الشاب اليافع، ولكن كما تقدم في شرح هذه القصة أن داود كان ماهرا في قذف الحجارة بالقلاب حيث وضع في قلابه حجرا أو اثنين ورماه بقوة وبمهارة نحو جالوت، فأصاب الحجر جبهته بشدة فصرعه في الوقت، فتسرب الخوف إلى جميع أفراد جيشه، فانهزموا بسرعة أمام جيش طالوت، وكأن الله تعالى أراد أن يظهر قدرته في هذا المورد وأن الملك