نصب طالوت ملكا على بني إسرائيل. وأمر الله الملائكة أن يسوقوا الحيوانين نحو مدينة اشموئيل. وعندما رأى بنو إسرائيل الصندوق بينهم، اعتبروه إشارة من الله على اختيار طالوت ملكا عليهم.
وعليه نسب حمل الصندوق إلى الملائكة، لأنهم هم الذين ساقوا البقرتين إلى بني إسرائيل.
في الحقيقة أن للملائكة معنى واسعا في القرآن والروايات، يشمل فضلا عن الكائنات الروحية العاقلة، مجموعة من القوى الغامضة الموجودة في هذا العالم.
ويستفاد مما تقدم أنه بالرغم من ثبوت مسألة القيادة الإلهية لطالوت بالأدلة والمعاجز الإلهية، فهناك بعض الأفراد لضعف إيمانهم لم يسلموا إلى هذا الحق، وقد ظهرت هذه الحقيقة على أعمالهم العبادية ومن ذلك تشير الجملة الأخيرة في هذه الآية إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين.
ثم أن بني إسرائيل رضخوا لقيادة طالوت فصنع منهم جيوشا كثيرة وساروا إلى القتال، وهنا تعرض بني إسرائيل لاختبار عجيب، ومن الأفضل أن نجمع تلك الأحداث ومجريات الأمور من القرآن نفسه حيث يقول: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده (1).
ويتضح في هذه الموارد الامتحان الكبير الذي تعرض له بنو إسرائيل وهو المقاومة الشديدة للعطش، وكان هذا الامتحان ضروريا لجيش طالوت وخاصة مع السوابق السيئة لهذا الجيش في بعض الحروب السابقة، لأن الانتصار يتوقف على مقدار الانضباط وقدرة الإيمان والاستقامة في مقابل الأعداء