الحروب الدينية، وهكذا سعوا إلى إدانة الأديان واعتبارها من الأسباب المثيرة للحروب والمخاصمات.
وإزاء هذا القول لابد من الانتباه إلى ما يلي:
أولا: أن الاختلافات - كما جاء في الآية المذكورة - لا تنشأ في الحقيقة بين الأتباع الصادقين لدين من الأديان، بل هي بين أتباع الدين ومخالفيه. وإذا ما شاهدنا صراعا بين أتباع مختلف الأديان فإن ذلك لم يكن بسبب التعاليم الدينية، بل بسبب تحريف التعاليم والأديان وبالتعصب المقيت ومزج الأديان السماوية بالخرافات.
ثانيا: إن الدين - أو تأثيره - قد انحسر اليوم عن قسم من المجتمعات البشرية، ومع ذلك نرى أن الحروب قد ازدادت قسوة واتساعا وانتشرت في مختلف أرجاء العالم. فهل أن الدين هو السبب، أم أن روح الطغيان في مجموعة من البشر هي السبب الحقيقي لهذه الحروب، ولكنها تظهر اليوم بلبوس الدين، وفي يوم آخر بلبوس المذاهب الاقتصادية والسياسية، وفي أيام أخرى بقوالب ومسميات أخرى؟! وعليه فالدين لا ذنب له في هذا، إنما الطغاة هم الذين يشعلون نيران الحروب بحجج متنوعة.
ثالثا: إن الأديان السماوية - وعلى الأخص الإسلام - التي تكافح العنصرية والقومية، كانت سببا في إلغاء الحدود العنصرية والجغرافية والقبلية، فقضت بذلك على الحروب التي كانت تثار باسم هذه العوامل. وعليه فإن الكثير من الحروب في التاريخ قد خمدت نيرانها بفضل الدين. كما أن روح السلام والصداقة والأخلاق والعواطف الإنسانية التي ترفع لواءها جميع الأديان السماوية، كان لها أثر عميق في تخفيض الخصومات والمشاكسات بين مختلف الأقوام.
رابعا: أن من رسالات الأديان السماوية تحرير الطبقات المحرومة المعذبة، وكانت هذه الرسالة هي سبب الحروب التي شنها الأنبياء وأتباعهم على