هذه الجملة يمكن أن تكون إشارة إلى شرط ثالث للقائد، وهو توفير الله تعالى الإمكانيات وآليات القيادة ووسائل الحكم، لأنه من الممكن أن يكون قائدا كاملا من حيث العلم والقوة ولكنه محاط بظروف لا تمنحه أي استعداد للوصل إلى أهدافه المقدسة، ولا شك أن قائدا مع هذه الظروف لا يمكن أن ينتصر وينجح في قيادته، ولذلك يقول القرآن هنا أن الله تعالى يمنح الحكومة الإلهية لمن يشاء، أي أنه يهيأ الظروف اللازمة لنجاحه.
الآية التالية تبين أن بني إسرائيل لم يكونوا قد اطمأنوا كل الاطمئنان إلى أن طالوت مبعوث من الله تعالى لقيادتهم على الرغم من أن نبيهم صرح ذلك لهم، ولهذا طلبوا منه الدليل، فكان جوابه أن الدليل سيكون مجئ التابوت أو صندوق العهد إليهم وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت.
فما هو تابوت بني إسرائيل أو صندوق العهد؟ ومن الذي صنعه؟ وما هي محتوياته؟ فإن في تفاسيرنا وأحاديثنا، وكذلك في العهد القديم - التوراة - كلاما كثيرا عنه. إلا أن أوضحها هو ما جاءنا في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وأقوال بعض المفسرين من أمثال ابن عباس، حيث قالوا إن التابوت هو الصندوق الذي وضعت فيه أم موسى ابنها موسى وألقته في اليم، وبعد أن انتشل أتباع فرعون الصندوق من البحر وأتوا به إليه وأخرجوا موسى منه، ظل الصندوق في بيت فرعون ثم وقع بأيدي بني إسرائيل، فكانوا يحترمونه ويتبركون به.
موسى (عليه السلام) وضع فيه الألواح المقدسة - التي تحمل على ظهرها أحكام الله - ودرعه وأشياء أخرى تخصه وأودع كل ذلك في أواخر عمره لدى وصيه يوشع ابن نون.
وبهذا ازدادت أهمية هذا الصندوق عند بني إسرائيل، فكانوا يحملونه معهم كلما نشبت حرب بينهم وبين الأعداء، ليصعد معنوياتهم، لذلك قيل: إن بني