ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله.
(الملأ) هم الجماعة يجتمعون على رأي فيملأون العيون رواء ومنظرا والنفوس بهاء وجلالا ولذلك يقال لأشراف كل قوم (الملأ) لأنهم بما لهم من مقام ومنزلة يملأون العين.
هذه الآية - كما قلنا - تشير إلى جماعة كبيرة من بني إسرائيل طلبوا بصوت واحد من نبيهم أن يختار لهم أميرا وقائدا ليحاربوا بقيادته (جالوت) الذي كان يهدد مجتمعهم ودينهم واقتصادهم بالخطر.
وعلى الرغم من أن الجماعة المذكورة كانت تريد أن تدفع العدو المعتدي الذي أخرجهم من أرضهم ويعيدوا ما اخذ منهم، فقد وصفت تلك الحرب بأنها في سبيل الله، وبهذا يتبين أن ما يساعد على تحرر الناس وخلاصهم من الأسر ورفع الظلم والعدوان يعتبر في سبيل الله.
وقد ذكر البعض أن اسم ذلك النبي هو (شمعون) وذكر آخرون بأنه (إشموئيل) وبعض (يوشع) ولكن المشهور بين المفسرين أنه (إشموئيل) أي إسماعيل بلغة العرب، وبهذا وردت رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضا (1).
ولما كان نبيهم يعرف فيهم الضعف والخوف قال لهم: يمكن أن يصدر إليكم الأمر للجهاد فلا تطيعون قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا.
ولكنهم قالوا: كيف يمكن أن نتملص من محاربة العدو الذي أجلانا عن أوطاننا وفرق بيننا وبين أبنائنا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبناءنا وبذلك أعلنوا وفاءهم وتمسكهم بالعهد.
ومع ذلك فإن هذا الجمع من بني إسرائيل لم يمنعهم اسم الله ولا أمره ولا الحفاظ على استقلالهم والدفاع عن وجودهم ولا تحرير أبناءهم من نقض العهد،