تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٨٢
[وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (42) يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين (43)] وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين:
قال البيضاوي: كلموها شفاها كرامة لها، ومن أنكر الكرامة زعم أن ذلك كان معجزة لزكريا، أو أرهاصا لنبوة عيسى (عليه السلام) فإن الاجماع على أنه تعالى لم يستنبئ امرأة لقوله: " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا " (1) وقيل: ألهموها انتهى (2).
ويمكن أن يقال من قبل منكر الكرامة: لا يكون الكرامة لمن لم يكن فيه نص بالكرامة، وأما من حصل له التخصيص بالتنصيص كمريم وفاطمة (صلوات الله عليهما) فهو بمنزلة الاستثناء والمقصود أنه لا يجوز الكرامة لمن سواه كوقوع المعجزة للأنبياء والأئمة فإنهم يتخصصون بها، ولا يلزم من وقوع شئ لاحد جواز وقوعه لكل أحد شرعا وإن لم يمتنع عليه عقلا، والمجوز وقوعه لكل أحمد بوقوعه لبعض، التبس عليه معنى الجواز فتبصر.
قيل: الاصطفاء الأول تقبلها من أمها ولم يقبل قبلها أنثى وتفريغها للعبادة، وإغناؤها برزق الجنة عن الكسب، والثاني هدايتها وإرسال الملائكة إليها، وتخصيصها بالكرامات السنية كالولد من غير أب وتبرئتها عما قذفته اليهود بإنطاق

(١) يوسف: ١٠٩، والنحل: 43.
(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسيره لقوله تعالى " وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك " الآية من سورة آل عمران.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست